بين حفتر وكورونا!
عندما خرج رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في بداية الأزمة ليقول إن علينا أن نستعد لفراق كثير من الأقارب والأحبة مراهنا على ما اصطلح على تسميته بـ»مناعة القطيع»، أحدث كلامه صدمة كبيرة وبدا كمن لا يبالي بأرواح الآلاف من شعبه مقابل أن تستمر عجلة الاقتصاد والانتاج وفق المنهج الرأسمالي الذي لايرحم. الآن، يبدو أن الناس قد شرعوا في الاستيعاب التدريجي لصدمة ما حل بالعالم وأنهم سلموا أنفسهم للأقدار التي ستغيّب من تريد وتبقي على من تريد.
وحتى لا يكون هذا التسليم قبيحا ومخيفا ومذلا من عالم ظن أنه وصل مرحلة الألوهية، جاءت اجراءات التباعد الاجتماعي، وما اتخذته عديد الدول مؤخرا من قرارات لعودة تدريجية للحياة الطبيعية، بمثابة المساحيق الضرورية للهزيمة لاسيما وأنه لم يعد بالامكان تحمل المزيد من توقف أنشطة الحياة دون ضوء في نهاية النفق.
ربما كانت لوبيات الصناعة والتجارة والأعمال هي الأكثر حرصا واستعجالا في هذا المضمار لكن ذلك لا يعفي من الاعتراف أن الناس بدورها سئمت من المكوث في البيوت وما خلفه ذلك، وفق دراسات عديدة، من مشاكل عائلية وآثار نفسية مختلفة، فباتت أميل إلى أن علينا أن نعيش كما نريد أو نموت!!.
هل معنى ذلك أننا عدنا مكرهين في نهاية المطاف إلى نقطة البداية التي استبطنها جونسون وركن إليها ترامب كذلك أيضا قبل أن تفلت الأمور من بين يدي الأول والثاني؟؟ هل المراهنة على المناعة الجماعية للشعوب هي الملاذ الوحيد والاجباري المتوفر حاليا؟ الأرجح نعم، ولكن مع احتياطات مختلفة وطوارئ صحية لاستيعاب المصابين حتى لا يبدو الساسة كمن لا يهتمون بمن يحيا أو يموت وهم من جاؤوا لقيادة الناس إلى الازدهار والتنمية وليس إلى القبور.
يبدو ألا حل متوفرا الآن سوى هذا: عدم الاختباء الجبان من الفيروس ولكن الخروج إليه بشجاعة محسوبة بدقة في انتظار أيام أفضل. هذا لن يمنع سقوط ضحايا جدد لكن يفترض أن تكون الأعداد أقل إذا ما تم احترام اجراءات الوقاية والحذر التي تنصح بها السلطات الصحية في كل بلد.
ما باليد حيلة، لكن الخوف كل الخوف أن يراوغ الفيروس الجميع ويقوم بهجوم معاكس مباغت يُدخل فيه الناس إلى بيوتها من جديد ويعيد إغلاق المصانع وكل مظاهر الحياة فتتحول الحياة إلى انتظار للموت في حالة من العزلة الكئيبة، هذا احتمال وارد أيضا.
ملاحظة أخيرة: تشبيه ليبيا مع حفتر بالعالم مع الفيروس لا يعدو أن يكون من باب الشيء بالشيء يذكر وليس علامة حمى أصابت الكاتب ويخشى أن تكون من علامات إصابته بالفيروس!!. نسأل الله السلامة لي ولكم.
المصدر: القدس العربي